responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 252
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَيَقَّنَ حَيَاتَهُ، إِمَّا بِالرُّؤْيَا، وَإِمَّا بِإِنْطَاقِ اللَّهِ تَعَالَى الذِّئْبَ كَمَا فِي أَوَّلِ الْقِصَّةِ، وَإِمَّا بِإِخْبَارِ مَلَكِ الْمَوْتِ إِيَّاهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَالتَّحَسُّسُ طَلَبُ الشَّيْءِ بِالْحَوَاسِّ، فَهُوَ تَفَعُّلٌ مِنَ الْحِسِّ، أَيِ اذْهَبُوا إِلَى هَذَا الَّذِي طَلَبَ مِنْكُمْ أَخَاكُمْ، وَاحْتَالَ عَلَيْكُمْ فِي أَخْذِهِ فَاسْأَلُوا عَنْهُ وَعَنْ مَذْهَبِهِ. وَيُرْوَى أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ قَالَ لَهُ: اطْلُبْهُ مِنْ هَاهُنَا! وَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةِ مِصْرَ. وَقِيلَ: إِنَّ يَعْقُوبَ تَنَبَّهَ عَلَى يُوسُفَ بِرَدِ الْبِضَاعَةِ، وَاحْتِبَاسِ أَخِيهِ، وَإِظْهَارِ الْكَرَامَةِ، فَلِذَلِكَ وَجَّهَهُمْ إِلَى جِهَةِ مِصْرَ دُونَ غَيْرِهَا. (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ) أَيْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ فَرَجِ اللَّهِ، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ، يُرِيدُ: أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَرْجُو فَرَجَ اللَّهِ، وَالْكَافِرَ يَقْنَطُ فِي الشِّدَّةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقُنُوطَ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَهُوَ الْيَأْسُ، وَسَيَأْتِي فِي" الزُّمَرِ" [1] بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى.

[سورة يوسف (12): آية 88]
فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) أَيِ الْمُمْتَنِعُ. (مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) هَذِهِ الْمَرَّةُ الثَّالِثَةُ مِنْ عَوْدِهِمْ إِلَى مِصْرَ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، أَيْ فَخَرَجُوا إِلَى مِصْرَ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ قَالُوا:" مَسَّنا" أَيْ أَصَابَنَا" وَأَهْلَنَا الضُّرُّ" أَيِ الْجُوعُ وَالْحَاجَةُ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الشَّكْوَى عِنْدَ الضُّرِّ، أَيِ الْجُوعُ، بَلْ وَاجِبٌ عَلَيْهِ إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الضُّرَّ مِنَ الْفَقْرِ وَغَيْرِهِ أَنْ يُبْدِيَ حَالَتَهُ إِلَى مَنْ يَرْجُو مِنْهُ النَّفْعَ، كَمَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَشْكُوَ مَا بِهِ مِنَ الْأَلَمِ إِلَى الطَّبِيبِ لِيُعَالِجَهُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَدَحًا فِي التَّوَكُّلِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنِ التَّشَكِّي عَلَى سَبِيلِ التَّسَخُّطِ، وَالصَّبْرِ وَالتَّجَلُّدِ فِي النَّوَائِبِ أَحْسَنُ، وَالتَّعَفُّفُ عَنِ المسألة أفضل، وأحسن الكلام

[1] راجع ج 15 ص 267. [ ..... ]
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست